رام الله - معا - كشفت نتائج تقرير مشروع النهوض بحقوق الأطفال العاملين في الضفة الغربية 2013، وصدر اليوم، عن وجود أطفال ممن هم في سن 7 سنوات يعملون في مواقع ومهن مختلفة في الضفة الغربية حيث يبلغ سن 78% من الأطفال العاملين ما بين 15-18 سنة، بينما كان 21% منهم ما بين 7-14 سنة. ورغم حظر قانوني العمل الدولي والفلسطيني استخدام الأطفال ممن هم دون سن 15 عاما، إلا أن النتائج بينت ان خُمس الأطفال العاملين تقريبا يقعون دون السن القانوني الذي يحدده قانون عمل استخدام الأحداث.
جاء ذلك خلال اطلاق مؤسسة طفل الحرب الهولندية وبالشراكة مع منتدى شارك الشبابي والمركز الفلسطيني لسياسات التنمية الاتصال اليوم، تقرير بيانات مشروع النهوض بحقوق الأطفال العاملين في الضفة الغربية 2013، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وبمشاركة منسقي المشروع في الجنوب فداء ابو تركي المركز الفلسطيني للاتصال والسياسات التنموية، وفي الشمال نعيم شقير منتدى شارك الشبابي، وذلك في مقر منتدى شارك برام الله، بحضور ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية والمجتمعية المحلية والدولية.
واعلنت ممثلة منظمة أطفال الحرب الهولندية فرانشيسكا بومبي و الباحث الاجتماعي في المشروع كريم ابو خروب عن نتائج التقرير، والذي استهدف تقديم لمحة سريعة عن ظاهرة عمالة الأطفال في المواقع التي استهدفها المشروع.
وقالت بومبي، ان نسبة الأطفال الذكور العاملين الذين تمت مقابلتهم بلغت 93%. بينما تبدو ظاهرة عمالة الأطفال أنها تستهدف الأولاد أكثر من الفتيات اللواتي كانت مقابلتهن أمرا صعبا نظرا لاختلاف طبيعة الأعمال وبسبب القيود الاجتماعية، منوهة الى ان معظم الأطفال الذين تمت مقابلتهم (51%) كانوا أنهوا مرحلة الدراسة الإلزامية أو ما زالوا ملتحقين بالمدرسة، مؤكدة ان معدل أسر الأطفال العاملين الذين تمت مقابلتهم بلغ فوق المعدل العام ووضع هذه الأسر هو جيد وثابت.
وأشارت النتائج الى أن المستوى التعليمي لوالدي الأطفال العاملين الذين تمت مقابلتهم جيد، وفي أغلب الحالات 83% منها كان الأب يعمل والأم ربة بيت بنسبة 87%، كما بيّنت أن وضع غالبية أسر العاملين الاقتصادي لا يقع ضمن حالات الفقر الحاد "المدقع".
واكدت النتائج ان توجّه 60% من الأطفال إلى سوق العمل كان بمحض إرادتهم لتأمين احتياجاتهم الخاصة (69%) وللمساهمة في رفع مستوى دخل الأسرة (52%) فيما توجه (48%) من الأطفال إلى سوق العمل بسبب ضعف تحصيلهم الدراسي والرغبة في تعلم مهنة، والفقر والبطالة، وعدم الرغبة في استكمال الدراسة، والضغط من قبل الأبوين.
وقالت بومبي، يبيّن هذا التقييم مجموعة من العوامل التي تدفع الأطفال إلى التوجه إلى سوق العمل بما في ذلك الرغبة في الاستقلالية وتأمين احتياجاتهم الخاصة والحاجة إلى مساعدة الأسرة وفشل النظام التعليمي في استبقاء الأطفال ذوي التحصيل الدراسي المتدني في المدرسة.
واكدت النتائج الأخرى أهمية الأسرة في منظور الأطفال لأدوارهم وقراراتهم في دخول سوق العمل والاستمرار فيه، وتظهر إن أسر غالبية الأطفال (61%)الذين تمت مقابلتهم راضية عن عملهم.
واوضحت بومبي، يبدو أن للأب دور أساسي في اتخاذ توجه الطفل إلى سوق العمل حيث أشارت النتائج أن 28% من الأطفال كان الأب هو صاحب القرار في توجه الطفل للعمل، وبيّنت أن الأمهات لم يشاركن في توجه الطفل إلى سوق العمل.
وقالت إن ما يثير القلق في هذا الشأن هو أن 10% من الأطفال العاملين الذين تمت مقابلتهم أشاروا إلى استخدام العنف تجاههم من قبل مدرسيهم وهو أحد الأسباب التي دفعتهم للتوجه إلى سوق العمل، بينما أشار 5% إلى العنف الأسري كأحد الأسباب التي دفعتهم إلى اتخاذ هذا القرار.
وأضافت بومبي: يتم استخدام الأطفال غالبا في قطاع الزراعة 26% والتجارة 24% والبناء 24%، وإن نسبة البائعين المتجولين 18% والعاملين في الميكانيك 12% والتصنيع 11%، و 18% من الأطفال يعملون في جمع النفايات، وتثير الأعمال في قطاعات البناء والميكانيك وجمع النفايات والبائعين المتجولين تساؤلات حول سلامة الأطفال العاملين فيها، وبالتالي ينطبق عليها تعريف الأعمال الخطرة.
وتظهر النتائج أن خمس الأطفال يعانون من مشاكل صحية نجمت عن العمل الذي يقومون به وأن 31% منهم تعرضوا لإصابات أثناء العمل أو نتيجة له، ولم يتمتعوا بأي حق من الضمانات التي ينص عليها قانون العمل بما في ذلك إجراء الفحص الطبي قبل بداية العمل وتكراره كل ستة أشهر أو الحصول على استراحة يومية بما لا يقل عن ساعة واحدة أو مَنْعِهم من العمل الإضافي أو إيفائهم حقهم في الحصول على إجازة سنوية.
واشارت النتائج الى ان حوالي نصف عدد الأطفال (49%) يشعرون بتغيير في أجسامهم منذ بداية العمل: 70% منهم صرح أن التغيير كان نحو الأسوأ مقابل 30% منهم صرحوا أن التغيير كان نحو الأفضل، وبينت أيضا أن 45% من الأطفال يدخنون باستمرار أو من حين إلى آخر نتيجة لتأثير بيئة العمل عليهم، وصرح 9% من الأطفال العاملين أنهم يتعاطون الأدوية المسكنة حيث أن أغلبيتهم(85%) بدأوا تناول هذه المسكنات بعد أن التحقوا بسوق العمل.
واكدت بومبي، ان النتائج بينت أن الأطفال العاملين يعتقدون أنهم يتولون مسؤولية ويقومون "بدور البالغ" في وقت أسبق من الأطفال أمثالهم وأنهم في بعض الجوانب أكثر نضجا وثقة بأنفسهم من نظرائهم خاصة وأنهم يختبرون في الوقت ذاته أثر هذا الوضع غير الطبيعي.
وتظهر أن لعمل الأطفال أثرا واضحا على تحصيلهم التعليمي: وقد عزا 57% من الأطفال العاملين الذين يجمعون ما بين الدراسة والعمل تراجعهم الأكاديمي وسوء تحصيلهم المدرسي إلى عملهم، بينما اعتبر 45% منهم أن تسربهم من المدرسة كان بسبب العمل. إضافة إلى ذلك فإن غالبية الأطفال الذين يجمعون بين العمل والدراسة يفضلون العمل عن الدراسة. ومن مجموعة الأطفال الذين تسربوا من المدرسة أشار الأغلبية (64%) إلى أن طبيعة العمل الذي يعملون فيه أجبرتهم على ترك الدراسة.
واكدت النتائج على ان دور الإدارة المدرسية ضعيفا، حيث انها لم تدرك أن هناك أطفالا يعملون إلى جانب الدراسة، ولم يقم الباحث الاجتماعي أو المرشد بأي زيارة لإقناع الأسرة لضرورة إرجاع طفلهم إلى المدرسة بالرغم من تعبير عدد من الأطفال عن رغبتهم في العودة لها.
واشارت النتائج الى ان الأغلبية العظمى من الأطفال العاملين يعاملون معاملة جيدة أو جيدة جدا من قبل ارباب العمل، بينما أشار حوالي خمسهم أنهم يتعرضون للعنف اللفظي والإذلال، بينما ذكر 10% منهم أنهم تعرضوا للعنف الجسدي من قبل أرباب عملهم ونتج عن ذلك تكسير العظام وجروح وكدمات وآلام في كافة أنحاء الجسم، وكان 15% منهم عرضة للعنف اللفظي والإهانة والتحرش من قبل زملائهم العاملين، وأعرب 30% منهم أنه لم يصدر أي رد فعل من قبل رب العمل ردا على هذه التحرشات.
وأعرب غالبية الاطفال رغبتهم الاستمرار في العمل لشعورهم بالارتياح فيه وإسهامهم في دعم أسرهم ورفع مستوى الدخل فيها، وتوفير احتياجاتهم الخاصة، إضافة إلى تعلّم مهنة ما. أما فيما يتعلق بـ 42% من الأطفال الذين يرغبون في ترك عملهم فأن أغلبيتهم يفضلون ذلك لأن عملهم صعب للغاية، وتلا ذلك الأجر القليل الذي يكسبونه ثم رغبتهم في البحث عن عمل أفضل علاوة عن رغبتهم في إكمال تحصيلهم العلمي، وأظهر 60% منهم رغبة في الالتحاق بأحد برامج التدريب المهني.
بدوره اكد ابو خروب تنامي القلق بشأن الأطفال العاملين يوما بعد يوم بينما تكاد المعلومات المتوفرة في هذا الشأن تكون يسيرة، ويهدف المشروع إلى ضمان تمكين الأطفال العاملين في الضفة الغربية الذين تتعرض حقوقهم في الوقت الراهن للإنتهاك جراء انخراطهم في قطاع العمل من المطالبة بحقوقهم، وذلك من خلال رفع الوعي حول الأثر البعيد المدى لعمالة الأطفال، وتعزيز قدرة الأطفال وذويهم لتحديد بدائل عن تشغيل الأطفال، ومن أجل تدعيم البرامج المحلية التي تقدمها الحكومة لمنع عمالة الأطفال ومعالجتها والدعوة إلى تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بحماية الأطفال العاملين بما في ذلك إعادة التحاقهم بالمدرسة أو التأكد من استمرارهم فيها.
بدوره اكد بدر زماعرة المدير التنفيذي للمنتدى على اهمية المشروع لما يقدمه للمجتمع من خدمات كثيرة للاطفال الذين بحاجة لان ينشأوا تنشأة سليمة بعيدا عن الانتهاكات الكثيرة التي يتعرضون لها في سوق العمل، مؤكدا على الدور الرئيسي للاهل وضرورة تظافر جهود كافة الاطراف ذات العلاقة في التدخلات ما بعد الوصول للاطفال العاملين.
أما ممثلة الاتحاد الاوروبي اولغا، فأكدت على أهمية مناصرة الاطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة وغير عادلة، مشددة على حق الاطفال في التعليم الذي يرتبط به تطور المجتمع، مشيرة الى مسؤولية المجتمع الاخلاقية تجاه توفير أدوات تعليمية مناسبة، مؤكدة على التشاركية لمساعدة الاطفال والمجتمعات المهمشة وتقديم الخدمات لهم.