أطفال فلسطين.. واقع وآمال
لم يكن أطفال فلسطين بمنأى عن فعاليات يوم الثقافة الوطنية، إذ شارك العشرات منهم برسومات فنية، عبروا فيها عن آلامهم وأوجاعهم في ظل الاحتلال الذي يحبس أحلامهم، وأعربوا من خلالها عن تطلعاتهم وآمالهم في الحرية والانعتاق.
ففي معرض "فنون الطفل الفلسطيني" الذي يستمر طوال الفترة من 19 وحتى 26 مارس/ آذار الجاري يشارك عشرات الأطفال بلوحات فنية رسمتها أيديهم خلال ورشة فنية رعتها وزارة الثقافة الفلسطينية، ليعكسوا بأناملهم صورا شتى تجول بخواطرهم.
وكحال كثير من القطاعات الحيوية، يشكو مسؤولون ومختصون تحدثوا للجزيرة نت، من قلة الموارد والدعم الكافي لقطاع الثقافة بفلسطين، مما يعني -وفق بعضهم- تهديد ما هو قائم من مؤسسات وطمس الكثير من المواهب الفنية الفتية.
وتعالج لوحات الأطفال -وجميعهم ما بين 12 و15 عاما- قضايا خاصة وعامة في مختلف الجوانب الإنسانية والطبيعية والترفيهية، لكن السياسة هي الغالبة، حيث كان وطنهم فلسطين حاضرا بقدسه وأقصاه وطبيعته الخلابة، إضافة إلى الأسر والجرح والجدار والقمع والأسلاك الشائكة، والأقنعة ومفتاح العودة.
الطفلة ندى الشرباتي بدت متأثرة في إحدى لوحاتها بما يجري في القدس من أنفاق وحفريات أسفل المسجد الأقصى، فأطلقت صرخة تحذير تظهر بدء انهيار اللبنات المكونة لفلسطين، حاضنة المسجد الأقصى، وانفراد الاحتلال بها في محيط مغلق لا يتحرك لإنقاذها.
أما الطفلة ابتسام القواسمي، فعالجت في لوحتها قضية يفتقدها كل فلسطيني وفلسطينية هي الحرية، وتؤكد أن قضبان الاحتلال وسجونه وقمعه لا يقتصر على الرجال والنساء، بل مس الطفولة البريئة ليقتل أحلامها في مهدها.
من جهته يفيد مدير مركز فنون الطفل الفلسطيني سميح أبو زاكية، -الذي ينظم ويحتضن هذه الفعالية- بأن الهدف هو إتاحة الفرص للأطفال للمشاركة في مختلف الأنشطة الثقافية، واكتشاف الأطفال الموهوبين والمبدعين في مجالات مختلفة ومنها الرسم.
وقال أبو زاكية إن أكثر من مائة طفل، شاركوا في ورشة عمل نظمت بالتعاون مع وزارة الثقافة، وأنتجوا مئات اللوحات الفنية، عبروا فيها عن آلامهم وآمالهم وأحلامهم، لكن العرض اقتصر على العشرات منها لضيق المساحة.
وأوضح أن المشرفين على الورشة لم يتدخلوا في تحديد مواضيع الرسومات للأطفال، ومع ذلك كشفت لوحات الأطفال -رغم صغر سنهم- عن تفاعل واهتمام بما يدور حولهم وما يعانونه من حواجز واعتقالات وغيرها، وتطلعاتهم وآمالهم في بحر هادئ وبيت جميل في منطقة فسيحة، تحيط به الخضرة من أشجار وأعشاب بلا جدران وحواجز.
يقول أبو زاكية إن لدى الأطفال قدرات إبداعية متنوعة، لكنهم بحاجة إلى رعاية، ويلوم الجهات الرسمية لأنها لا توفر موارد كافية للمؤسسات الثقافية التي تعاني من أزمات مالية خانقة "الأمر الذي يهدد الثقافة الفلسطينية وليس فقط المؤسسات الثقافية".
بدورها أوضحت مديرة وزارة الثقافة بمنطقة الخليل هدى عابدين، أن اختيار توقيت "معرض فنون الطفل" جاء في يوم الثقافة الوطنية الموافق 13 مارس/ آذار، أي في ذكرى ميلاد الشاعر الراحل محمود درويش، ويهدف إلى ترسيخ صورة هذا الشاعر الوطني.
وأضافت للجزيرة نت أن عشرات الأطفال من سكان البلدة القديمة من مدينة الخليل -ممن يعايشون الحواجز والظلم والكبت يوميا خلال مسيرتي والذهاب والإياب من وإلى مدارسهم-، شاركوا في نقل معاناتهم ورسمها بالألوان.
وتشارك عابدين، زميلها أبو زاكية في مطالبة مجلس الوزراء بتخصيص منح وميزانية إضافية وكبيرة للثقافة والمثقفين، محذرين من انعكاسات تجاهل المجال الثقافي على القضية الفلسطينية برمتها.
المصدر : الجزيرة نت