وفا- (فايز عباس)
وقف طفل فلسطيني مقابل جنود إسرائيليين كانوا يعملون على نصب خيمة كبيرة في حي الشيخ جراح، ورفع إصبعيه بشكل حرف "v" بالانجليزية (علامة النصر) عندما اقترب منه أحد المصورين، وقف الطفل شامخا، لا يخاف من الجنود ولا المستوطنين وواصل اللعب في الحي الذي يحاول اليهود الاستيلاء عليه وتحويله لحي يهودي بعد أن يستولوا على العقارات والأراضي في المنطقة.
اليوم وحسب التقويم العبري هو يوم احتلال القدس العربية، أي الذكرى 44 لاحتلال المدينة المقدسة، وهو "يوم النكسة" والاحتلال بالنسبة للفلسطينيين، لكنه بالنسبة للإسرائيليين هو يوم "تحرير القدس" من الفلسطينيين. اليهود يشاركون اليوم في المسيرة السنوية في القدس.
مئات المستوطنين يسيرون في أحياء المدينة المحتلة جماعات، أغلبهم من الشبان الذين يضعون على رؤوسهم القلنسوات المطرزة، وهذا يعني أنهم ينتمون إلى اليمين الوطني المتطرف، وأغلبيتهم من المستوطنين والذين يؤمنون أنهم ورثوا هذه الأرض من الله، هذا هو إيمانهم.
في حي الطور، كانت مجموعة من اليهود المتطرفين تتجول في الحي، بدون مرافقة عسكرية، لكن البعض منهم كان مسلحا، ساروا مشيا على الأقدام باتجاه حي الشيخ جراح. وفي باب العامود نزل مئات المستوطنين من الحافلات وتوجهوا باتجاه الشيخ جراح، وكذلك الأمر بالنسبة للأحياء الأخرى.
في حي الشيخ جراح، تجمع أكثر من ألف مستوطن بالقرب من البيوت العربية التي استولى عليها المتطرفون اليهود، وطردوا سكانها الأصليين إلى الشارع بدعم وحماية قوى الأمن الإسرائيلية.
حسب ادعاء الإسرائيليين فإن القدس موحدة وإلى الأبد كما قال رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، لكن من يتجول في المدينة يصل إلى القناعة إن هذه المدينة مقسمة، على الرغم من ملايين الدولارات التي تصرفها حكومة إسرائيل في القدس من أجل تهويدها، لكن سماع الأذان من الأقصى والمساجد الأخرى وسماع أجراس الكنائس هو أكبر دليل على أن المدينة لم ولن توحد مهما حاول نتنياهو وحكومته وحتى الكونغرس الأميركي المؤيد لسياسة نتنياهو.
الفلسطينيون في القدس، نظروا إلى المستوطنين غير مهتمين بهم، وحتى أن نظراتهم كانت نظرات احتقار أو تجاهل وجودهم في أزقة وشوارع المدينة، مدينتهم إلى الأبد "كل عام يقومون بمثل هذه المسيرة الاستفزازية، لكنهم لم ولن يخيفوا طفلا فلسطينيا" قال أحد سكان البلدة، الذي أكد أن اليهود فشلوا في سياستهم لتهويد المدينة.
وأضاف "أتحدي أن يتجول يهودي بعد غروب الشمس في الأحياء العربية لأنهم يخافون فكيف يمكن القول إن المدينة موحدة؟ هل يخاف الإسرائيلي من التجول في تل أبيب أو طبريا وحيفا؟ كلا لكنه في القدس العربية يخاف".
في مناطق مختلفة من المدينة تم نصب مكبرات الصوت ورفع الأعلام الإسرائيلية. الكنيست الإسرائيلية عقدت جلسة خاصة في هذا اليوم وبالطبع جميع من تحدثوا عن "يوم القدس" اعتبروا هذا اليوم يوم عيد وطني لكنهم تجاهلوا شيئا واحدا، وهو أن الفلسطينيين لن يغادروا المدينة، كما يفعل العلمانيون الإسرائيليون الذي قرروا الهجرة إلى تل أبيب وحيفا لأن القدس الغربية تحولت إلى مدينة للمتطرفين المتدينين الذي حولوا حياة العلمانيين لجحيم.
الإحصائيات الأخيرة والتي نشرها مركز الإحصاء المركزي الإسرائيلي تدل على أن أكثر من 18 ألف يهودي تركوا المدينة في السنوات الأخيرة، والأمر المؤكد، حسب الإحصاء الإسرائيلي، أن عدد الفلسطينيين في القدس ارتفع منذ عام 2004 إلى 2010 بنسبة 4% ويصل عددهم اليوم إلى 273 ألف عربي، على الرغم من سحب الهويات المقدسية من عدد كبير من الفلسطينيين.
إسرائيل لن تستطيع تهويد القدس، ما دام هناك أطفال يرفعون إشارة النصر في وجه الجنود والمستوطنين في القدس العربية.