صور أطفال تعلق على الجدران برسم الاعتقال.. صور اخرى تعلق للتذكير أن حلماً آخر قتل بدم بارد.. غير أنها صارخة جدا تكشف حقيقة القاتل، المحتل، الذي يصوب رشاشاته ، يطلق النار بهدف القتل. ماذا يقول هؤلاء لاطفال الذين علقت صورهم اليوم على جدران كفر قدوم، تلك القرية الوادعة إلا من صخب عربدة اقطعان المستعمرين وجيشهم الاحتلالي. هنا ليست كهناك، غير أن اقاتل واحد والجريمة أكثر بشاعة، عندمنا يكون المقتول طفلاً باحلام العصافير.
أطالب ضمير العالم والأمم المتحدة أن تجيب على سؤالي المتكرر منذ أحد عشر عاماً، ماذا إقترفت وإبني من ذنب حتى يكون الصمت مطبقاً والقاتل ططليقاً ويتلذذ بتعذيبنا؟
هكذا يقول جمال الدرة ودموع الرجال تنساب من مقتلي أب مكلوب، لم أكن أحمل سلاحاً ولا حجراً في يدي، كنا نسير أنا وابني عندما دوى أزيز الرصاص، فجأة بدأ جيش الاحتلال اطلاق النار في كل اتجاه، وفجأة وجدنا أنفسنا نركض دون وجهة محددة هرباً من نيران الإسرائيليين، أحتمينا خلف شئ ما، وكنت أشعر بارتجاف طفلي من خلفي. حاولت لأكثر من ثلاثة أرباع الساعة أن احمي "محمد" إبني الذي كنت ألفه بذراعي وصدري ولكنهم كانوا يريدون اغتياله، هذه المصيبة لن تمحى من ذاكرته حتى آخر لحظة في عمره.
وفي كل عام يقتلونا ألف مرة، يختلقون الاساليب، محمد رحمه الله مات ، أما نحن فنموت مجدداً عندما يتحدثون مرة عن أن الطفل يهودي أو أن محمد لم يمت برصاص الاحتلال، والآن محمداً لم يمت ، أعطوني ابني أيها الاسرائيليون إن كان ما يزال حياً!"، ومرة أخرى يعودون للقول هو قتل ولكن تقاريرهم تقوق وتقول وتقول.
جمال الدرة وعائلته يرون ان الحكومة الاسرائلية ما زالت تجدد لهم الاحزان كل عام تزامناً مع ذكرى استشهاد طفلهم، وأضاف جمال الدرة وقد ترقرقت عيناه "انهم يلاحقون ابني محمد حتى وهو في قبره ".
ويتابع عندما صدر التقرير الاسرائليلي الرسمي عن مكتب السيد نتنياهو ذهبت وعائلتي الى المقبرة لزيارة محمد وقراءة الفاتحة ومعي أهلي وجيراني من اهالي المخيم وتحول المشهد الى عزاء جديد.
وبدأ الناس والمتضامنين بالتوافد على بيت الدرة وسط تساؤل طفلته الصغيرة " من مات اليوم يا ابي ؟"، في كل عام أبنائي يتذكرون شقيقهم، من عاش المأساة في لحظتها ومن ولد من بعد وفاة محمد ويعيش على سماعها .
والدة محمد تتساءل باكية " العالم شاهد كيف قتلوا ابني، الا يكفيهم ذلك حتى يريدون نبش ما تبقى من رائحته، ماذا ستقول لهم عظام طفل، هل تتحمل أي أم ثكلى في العالم،ان يحدث ذلك لو كان محمد موجودا بيننا لكان عمره 25 عاماً، كان سيكون سنداً لوالده واخوته، هم "الاسرائيليون" يريدون تذكيرنا في كل عام أنهم قادرون على قتلنا ".
ويتابع جمال الدرة قائلاً: "الاتصالات والتهديدات الاسرائلية لم تتوقف، وتزامنت مع صدور التقرير الاسرائيلي الجديد"، وان الجيش الاسرائيلي ما يزال يلاحقه هو وجثة طفله الصغير وكما قتل محمد في عام 2000م ما زال يحاول ان يقتل رمزية صورة الطفل محمد مما خلق حالة من الضغوط النفسية الصعبة على العائلة باكملها واثر بشكل يومي على حياتهم ويشعرون ان الحزن اصبح هو المسيطر على اجواء البيت.
ويضيف جمال الدرة على جسدي ذاكرة لا تمحوها تقاريرهم، وعلى جلدتي رائحة محمد، ولن أتراجع عن إكمال قضية ابني في المحاكم الدولية رغم كل محاولات الاحتلال الاسرائيلي بتزوير الحقائق حتى يرقد ابني في قبره بسلام ويعيش أطفالنا الاحياء في سلام، المجرم يجب أن ينال عقابه.