تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي جاهدة لابتداع وسائل وطرق من شأنها التضييق والتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني،
ضاربة بعرض الحائط بكل المواثيق والاتفاقيات الدولية؛ وإحدى هذه الوسائل "الحبس المنزلي" (الإقامة الجبرية) والتي أصبحت سيفًا مسلطًا على رقاب المقدسيين، وفي مقدمتهم فئة الأطفال دون سن 14 عامًا.
يتمثل الحبس المنزلي بفرض أحكام من قبل المحكمة إسرائيلية تقضي بمكوث الطفل فترات محددة داخل البيت وبتعهد أحد أفراد الأسرة؛ ما جعل من بيوت المقدسيين سجونًا، وحوَّل الآباء والأمهات إلى سجانين ومراقبين على أبنائهم، يمنعونهم من الخروج من البيت حتى للعلاج أو للدراسة.! لتمثل عقوبة أكبر من السجن الفعلي؛ فهي تقيد الطفل وكفلاءه، وتخلق فجوة بين الطفل وعائلته.
تلجأ سلطات الاحتلال إلى أسلوب الحبس المنزلي الذي يستهدف بالدرجة الأولى الأطفال دون سن 14 عاماً، لأن القانون "الإسرائيلي" لا يجيز حبسهم، وخوفًا من التعرض للانتقادات الدولية والمؤسسات الحقوقية.
وتفيد المعطيات الإحصائية الصادرة عن "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" أن عدد الأطفال المقدسيين الذين صدرت بحقهم أحكام بالحبس المنزلي خلال عام 2016 بلغ ما يقارب (78) طفلًا، وبزيادة قدرها (30%) عن العام 2015 الذي سجل خلاله (60) قرارًا بالحبس المنزلي.
وهناك نوعين من الحبس المنزلي: الأول يُلزم الشخص، سواءً أكان طفلا أم فتاة، رجلًا أم امرأة، بالبقاء في بيته، وعدم الخروج منه مطلقًا طوال الفترة المحددة؛ والنوع الثاني (وهو أصعب من الأول) يتمثل بفرض "الحبس المنزلي" على الطفل في بيت أحد الأقارب البعيدة عن بيت العائلة ومنطقة سكناه؛ ما يشتت العائلة ويزيد من حالة القلق لديها، ويؤدي إلى توتر العلاقة بين الطفل وذويه، ويخلق العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية لدى الشخص وأسرته.
إن "الحبس المنزلي" يُعدُّ إجراءً تعسفياً غير أخلاقي، ومخالفةً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما ويشكل عقوبة جماعية للأسرة بمجموع أفرادها التي تضطر لأن تَبقى في حالة استنفار دائم، حريصة على حماية ابنهم من خطر تبعات تجاوزه للشروط المفروضة.