قدس المحتلة سما أصدرت مؤسسة الميثاق لحقوق الإنسان، صباح اليوم الاثنين تقريراً حقوقياً بعنوان "طفولة ضائعة وقانون غائب" للحديث عن الانتهاكات الحقوقية التي يتعرض لها أطفالُ القدس ممن تعتقلهم شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وعكس التقرير ومن خلال الإفادات التي جمعتها المؤسسة حالة مستمرة من الانتهاك الواضح لحقوق الأطفال دون أدنى اعتبار لطفولتهم الغضّة ولتأثيرات تجربة الاعتقال على مستقبلهم. وبالتزامن مع هذا التقرير نشرت المؤسسة عبر موقع "اليوتيوب" فيلماً قصيراً يروي فيه أطفال مقدسيون بعض ما تعرضوا له خلال الاعتقال.
ويأتي هذا التقرير في محاولة لزيادة الوعي الحقوقي والمجتمعي تجاه اعتقالات الأطفال في المدينة المحتلة، خاصة بعد أن تفاقمت حدّتها خلال العام 2014، وطالت مختلف الأعمار والأحياء، ناهيك عن التّشديدات القضائية بحقّ المعتقلين والتي روّجت لها الحكومة الإسرائيلية خلال العام المنصرم.
ومن جملة ما يقع على الأطفال من انتهاكات أثناء الاعتقال: أن يمنعوا من مرافقة أهاليهم أثناء التحقيق، أو يحرموا من الحقّ في استشارة محامٍ قبل بدء التحقيق معهم، أو يحرموا من النوم لساعات طويلة، أو أن يجبروا على التوقيع على إفادتهم المكتوبة باللغة العبرية دون أن يتأكدوا من مطابقة ما كتب فيها مع أقوالهم.
ومن أشدّ أنواع الانتهاك الاعتداء الجسديّ متمثلاً بالضرب العنيف وأحياناً الضرب بالكهرباء. ويروي كثيرٌ من الأطفال أنه فور وصولهم مركز التحقيق يُجبرون على الجلوس أرضاً على رُكبِهم ووجوههم إلى الحائط، بينما يقوم أفراد شرطة الاحتلال بضربهم كلّما مرّوا من طريقهم.
وفي إفادة لأحد الأطفال (15 عاماً) اعتقل نهاية العام المنصرم، قال أنه بعد تعرضه للضرب العنيف من قبل المحققين وانكاره التهم الموّجهة إليه، قال له المحققون :"بما أن الضرب لم يجدِ معك، سنستخدم الكهرباء". ويفيد الطفل بأنه تم توصيل كل أصابع يديه وقدميه بأسلاك الكهرباء وصعقه بها لإجباره على الاعتراف.
تداعيات الحبس المنزلي على الأطفال
وفي مبحثه الثاني يناقش التقرير إجراء الحبس المنزلي، ويقدم معلومات قانونية أساسية عنه، كما يناقش تداعياته وتأثيراته على حياة الطفل ونفسيته. وعلى عكس ما يظن كثيرون أن الحبس المنزلي هو "عقوبة قانونية"، فإنه مجرد إجراء قانوني تُــقيّـد وفقه حركة الطفل إلى حين انتهاء الاجراءات القضائية بحقه وإصدار المحكمة حكمها في قضيته. ولذلك فإن الفترة التي يقضيها الطفل في الحبس المنزلي لا تحتسب من فترة الحكم الفعلي الذي يصدر بحقه. وكثيراً ما يترافق الحبس المنزلي مع قيود مشددة، كالمنع مع الخروج إلى المدرسة، أو اشتراط الحبس المنزلي خارج الحيّ الذي يسكن فيه الطفل.
وبين التقرير ومن خلال الإفادات التي جمعها، أن هذا الاجراء الذي يفترض أن يكون لصالح الأطفال، تحوّل في كثير من الأحيان إلى نقمة، ولا أدل على ذلك من تصريح العديد من الأطفال أنهم يفضلون البقاء داخل المعتقل على الخروج للحبس المنزلي بين أهاليهم.
ومن الآثار المرافقة للحبس المنزلي، توتر العلاقة بين الطفل وأهله نتيجة شعوره بأن أمّه وأباه هما من يعتقلانه، وأن البيت الذي يفترض أن يكون موقع الشعور بالأمان أصبح هو السجن. كما يترتب على الحبس المنزلي في كثير من الأحيان حرمان الأطفال من حقهم في التعليم، وخلق أوقات فراغ طويلة لديهم لا يعرفون كيف يقضونها، وشعوره بالضغط وممارسة الرقابة الذاتية على نفسه.
وختمت المؤسسة تقريرها بتقديم توصيات لتفعيل الجهود المؤسساتية الفلسطينية في سبيل التخفيف عن الأطفال المعتقلين والمحبوسين منزلياً في مدينة القدس. وترى مؤسسة الميثاق ضرورة تضافر جهود المحامين مع جهود المدارس والمرشدين التربويين والاجتماعيين للتخفيف من تداعيات الاعتقال والحبس المنزلي، إضافة إلى تفعيل حملات رفع الوعي الحقوقي بما يحصل من انتهاكات وكيفية التعامل معها، وصولاً إلى تقديم شكاوى ضد أفراد شرطة الاحتلال، على ما يرتكبونه من اعتداءات.