تتصاعد بالآونة الأخيرة عدد الحالات التي تستخدم قوات الإحتلال خلالها أبناء شعبنا كدروع بشرية عند إقتحام المدن والبيوت أو في أثناء المواجهات التي تشهدها عدة مواقع ويتعرض خلالها شعبنا الأعزل للرصاص الحي والمعدني والغاز السام.
الطفل مصطفى وهدان 9 سنوات هو أحد ضحايا بربرية الإحتلال وساديته، فلم يدرك وهدان والذي كان في طريقه من محل شقيقه الأكبر لغسيل السيارات والذي يبعد حوالي 300 متر عن نقطة تفتيش عوفر ليحتمي في منزله، أن ما ينتظره هو حقد أسد ودفين يعبر عنه جنود الإحتلال باستهداف كل ما هو فلسطيني، ولم تسعفه سنين عمره لفهم حالة العجز التي وصلت لها مؤسسات حقوق الإنسان والهيئات الدولية أمام ما يتعرض له شعبنا على يد آخر وأطول احتلال عرفته البشرية.
إلا أن الكوابيس التي لازالت تلاحقه كل ليلة لتقض مضجعه وتترك آثارا سلبية في نفسيته وسلوكه هي شاهده الشخصي على جرم الإحتلال وبشاعة ممارساته بحق الطفولة البريئة، فالطفل وهدان والذي استخدم كدرع بشري لأكثر من خمس ساعات من قبل الإحتلال أثناء إحدى المواجهات بين المدنيين الفسطينيين وجيش الإحتلال المدجج بالسلاح، فرضت عليه قوة السلاح أن يقف متعرضا للخطر بين رصاص الإحتلال وحجارة المتظاهرين، بعد أن قام جنود الإحتلال بشبحه وتوجيه السلاح إلى صدره وظهره متكاثرين متفقين على قتل طفولته وبراءته.
بصوته البريء الدافئ يصف وهدان ما تعرض له ولا يخلو صوته من رجفة زرعها الإحتلال في قلبه، فيقول أثناء زيارة قامت بها محافظ رام الله والبيرة د. ليلى غنام لمنزله للإطمئنان عليه" لقد كنت معرضا للموت في كل لحظة، وكنت أشعر بالرعب الشديد وما كان من جنود الإحتلال إلا توجيه الأسلحة على جسمي تارة والضحك والإستهزاء تارة أخرى".
وقالت المحافظ غنام أن ما تعرض له الطفل وهدان هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والطفولة، مبينة أن هذا الحدث يتكرر بشكل يومي في فلسطين خصوصا في ظل الصمت الدولي المريب الذي يتيح للإحتلال امتهان إنسانية الفلسطينيين واستباحة دمائهم الطاهرة.
واعتبرت غنام أن اعتقال الأطفال القصر في زنازين الإحتلال، وتعريضهم للتعذيب والتحقيق المهين يعكس الحقيقة التي يحاول الإعلام الموجه تغييبها وهي أننا نتعرض وأطفالنا وشيبنا وشبابنا لحملات اتهاض وتنكيل ممنهجين، متسائلة عن دور الدول التي تدعي الديمقراطية واحترام الإنسان وحقوقه أمام ما يتعرض له شعبنا، مستذكرة ايمان حجو ومحمد الدرة وفارس عودة وعشرات الأطفال الفلسطينيين الذين استشهدو نتيجة استهدافهم بدم بارد من قبل الإحتلال.
وعلقت غنام أن الإحتلال يحاول باستهداف الطفولة قتل الحلم الفلسطيني الذي يكبر مع هذه الأجيال، ولكنهم لا يدركون أننا شعب سنبقى متمسكين بالأمل برغم الألم وأن أطفالنا سيكبرون على ما زرع فيهم وهو حب فلسطين والتضحية في سبيل ثوابتها حتى تحقيق طموحات شعبنا وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف .
واستغرب الطفل وهدان صمت العالم أمام ما يتعرض له هو وغيره من أطفال شعبنا، معلقا" هذه البلاد ليست للإحتلال وها هم أبنائهم ينعمون بحياة كريمة ومرفهة، على عكسنا نحن أصحاب الأرض فنحن مستهدفون في كل يوم وكل دقيقة، وعلى العالم أن يتحرك ليجبر الإحتلال على رفع الظلم عن شعبنا لننعم بالحرية والحياة بكرامة كغيرنا من أطفال العالم".
من جانبهما أوضح والدي الطفل أن ابنهما ما زال يعاني من الخوف الشديد نتيجة ما تعرض له، ولا زالت كوابيسهم تطارده حتى في منامه، مشيرين أن عمر ابنهم وطفولته لم تجنباه الإستهداف من قبل الإحتلال وعصاباته، مطالبين كافة الأحرار في العالم لإنقاذ الطفل والطفولة في فلسطين من الإستهداف الممنهج الذي يتعرضون له.
وقالت غنام: الإحتلال يمعن في كل يوم باستهداف أبناء شعبنا العزل دون رادع أو مانع، مضيفة" اليوم زف أبناء شعبنا شهيدا عبق بدمائه الطاهرة أرض فلسطين وهو الشهيد محمد عصفور والذي اصيب في رأسه برصاصة معدنية في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، خلال مواجهات في قرية عابود الواقعة شمال رام الله، مشيرة أن الإحتلال يستغل الصمت الدولي ليصعّد من هجماته بحق أبناء شعبنا ومقدساتنا، لافتة أننا لن نرضخ ولن تزيدنا هذه الإجراءات إلا إيمانا بضرورة استكمال المسيرة ومواصلة الدرب الذي أنار طريقه الشهداء الأبرار والأسرى البواسل.