الجزيرة نت: لا يواجه أطفال بلدة عزون بقلقيلية في شمال الضفة الغربية تصاعد الاعتقالات في حقهم فحسب، بل تُضاف إلى ذلك أحكام عالية وقاسية تصل إلى أكثر من نصف عمر الطفل أو عمره كاملا.
فقد قضت محكمة سالم العسكرية الإسرائيلية أواخر الشهر المنصرم بسجن ستة من أصل أربعين طفلا تعتقلهم إسرائيل سنوات تراوحت بين 9 و14، وتغريم كل واحد منهم مبلغا ماليا يصل إلى نحو ألف دولار، وينتظر أكثر من ثلاثين آخرين موقوفين منذ عدة أشهر أحكاما مشابهة.
وتعيش بلدة عزون مسلسل الرعب يوميا، حيث تتعرض منذ عامين لاقتحامات متكررة يتم فيها اعتقال عشرات المواطنين شهريا، والأطفال هم الأكثر تعرضا لذلك فقد اعتقلت سلطات الاحتلال أكثر من 150 طفلا تقل أعمار غالبيتهم عن 15 عاما، وفقا لما ذكره رئيس نادي الأسير في مدينة قلقيلية لافي نصورة.
وقال نصورة للجزيرة نت إنه لم يُحكم على أي طفل من الذين اعتقلتهم إسرائيل بهذه الأحكام منذ بداية انتفاضة الأقصى التي ضاعفت فيها إسرائيل اعتقال الأطفال وإرهابهم.
وأضاف أن هذه الأحكام عالية ولا تتناسب مع قضاياهم، وهو ما يثبت أن التهم الموجهة إليهم عارية عن الصحة، وأن اعترافاتهم جاءت تحت التعذيب والإيقاع بهم عبر ما يعرف بغرف العصافير جواسيس الاحتلال داخل السجن .
وتكون هذه الأحكام معدة سلفا من المخابرات الإسرائيلية أي قبل عرضهم على المحاكم، مدعية أن هؤلاء الأطفال يشكلون خطرا باعتداءاتهم المتكررة على المستوطنين المارين من شارع 55 المحاذي للقرية، التي لا تعدو كونها رشقا بالحجارة إن وُجدت أصلا. وتواكب عمليات الاعتقال لأطفال عزون لحظات مرعبة، حيث تقتحم آليات ضخمة البلدة وتداهم منازل الأطفال وتختطفهم من بين أحضان أمهاتهم وآبائهم مستخدمة وسائل قمع وإرهاب مختلفة بينها الكلاب البوليسية الضخمة.
ثم تليها مرحلة التحقيق والتهديد بالقتل والاعتقال لأفراد عائلاتهم لنزع الاعترافات ومحاولات الإيقاع بهم بشرك العمالة في غرف العصافير.
من جهته رفض مهنا مشعل والد الطفل إيهاب -أحد الأطفال الستة المحكوم عليهم- الحكم الصادر في حق نجله البالغ تسع سنوات ونحو ثلاثة آلاف دولار لمضاعفة العقاب.
وقال إن ذلك يدل على مدى العنجهية الإسرائيلية وسياسات العنف التي تتبعها إسرائيل بحق الأطفال الفلسطينيين خاصة .
وأضاف مشعل خلال لقائه الجزيرة نت أن سلطات الاحتلال أحضرت مستوطنين متضررين على حد قولها لقاعة المحكمة لإثبات التهم الموجهة إلى الأطفال، وادعت مستوطنة أن يدها كُسرت وحصلت على تعويض مالي ورغم ذلك كله فإن الأحكام عالية جدا ولا تصل لحد الجرم إن وُجد أصلا .
وهذا ما أكده علي عمران شقيق الأسير عثمان (16 عاما) المحكوم عليه بالسجن تسع سنوات وغرامة مالية أيضا، وقال إن الأطفال لم يقترفوا جرما يستحق هذه الأحكام وإن ما جرى هو عملية تخويف إسرائيلية للأطفال أدت إلى اعترافهم بما لم يرتكبوه والمخابرات أخذت بها والمحكمة صادقت عليها، حسب قوله. وانتقد كل من عمران ومشعل دور المحامين الفلسطينيين المكلفين من نادي الأسير الفلسطيني بمتابعة قضاياهم، وقالوا إن هذه الأحكام جاءت نتيجة لتقاعس المحامين وعدم قيامهم بدورهم ، وهذا ما اضطر بعض الأهالي إلى توفير محامين على حسابهم الشخصي.
من جهته استنكر زياد أبو عين وكيل وزارة شؤون الأسرى والمحررين هذه الأحكام والاعتقالات، وقال إن إسرائيل تمارسها رغم كل القوانين والمحاذير الدولية المتعلقة باعتقال الأطفال مهما كانت الظروف، مؤكدا أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تجيز اعتقال الأطفال ممن هم دون سن الثانية عشر.
وقال إنه نتيجة لجهود بذلوها فإن الاتحاد الأوروبي اشتكى من هذا السلوك الإسرائيلي وقدم مذكرة بذلك للجهات المعنية وأرسلوا لجان تحقيق تلاعبت عليها إسرائيل بتعديلات قانونية لتبرير جرائمها وخاصة فيما يتعلق بمحاكمتهم عسكريا .
وأضاف للجزيرة نت أن لديهم بوزارة الأسرى دائرة خاصة تتابع قضايا الأطفال المعتقلين كما توجد مؤسسات أهلية تتابع عمليات تأهيل الأطفال بعد تحررهم.
وأكد أنه أمام هذا التجاهل الإسرائيلي فإنهم يواصلون سعيهم لمتابعة الأمر قانونيا في المحافل الدولية كافة وتطبيق بنود الاتفاقية الرابعة إضافة للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال