نراهم بوجوه شاحبة وعيون تفيض بالرجاء على أرصفة الشوارع يبيعون الترمس والملاقط وعلب المحارم الورقية، وفي المقاهي، وعلى أبواب المحال التجارية.. يقفون على الإشارات الضوئية يستجدونك لمسح زجاج سيارتك في مشهد صارخ يؤشر على حالة من البؤس والفقر المدقع.
وكانت الضائقة الاقتصادية والغلاء المتصاعد والبطالة المتفشية في مناطق مختلف من الضفة الغربية، أنعشت عمالة الأطفال وحولتها إلى سوق عمالة صاخبة وسوداء.
وفي جنين، وبلداتها وقراها، (نحو 290 ألف نسمة)، حيث يشتد الحصار وتتوغل البطالة والفقر، يمكن التكهن بأن طفلا جديداً قد انضم، أمس أو اليوم، إلى مئات الأطفال والفتية اليافعين في بيع القهوة والشاي وعلى البسطات المتنقلة لتجارة البالة ، وأكثر من ذلك، في عمالة الخرسانة أو ورش الأحذية ومصانع المبردات والعصائر.
ويقول مهتمون بمتابعة شؤون الأطفال في الأرض الفلسطينية إن الأوضاع الصعبة والمزرية دفعت عشرات الأطفال إلى البحث عن أرزاقهم على هذا النحو، مؤكدين أن القانون الدولي يمنع تشغيل الأطفال دون سن ألـ 18 عاما، ومستندين بذلك إلى المادة رقم 32 المتعلقة بالاستغلال الاقتصادي للطفل.
إن الأسباب التي تدفعهم للعمل تبدو اقل أهمية مقارنة بالمخاطر التي قد تواجههم أثناء عملهم هذا ما يؤكده منسق شبكة حماية الطفولة جعفر نبهان، في إشارة إلى ظاهرة عمالة الأطفال التي تزايدت مؤخرا في محافظة جنين.
وأوضح أن شبكة حماية الطفولة والتي تضم 16 مؤسسة تعنى بأمور الطفل، أخذت على عاتقها تنظيم حملة لضبط الأطفال، استمرت مدة 3 أيام تم خلالها ضبط 60 طفلا يعملون كباعة متجولين في الشوارع، أو عند بعض أرباب العمل.
وفي لقاءاتهم مع الأطفال الذين تم ضبطهم تبين أن عملهم على علم ودراية أهاليهم، فمنهم من يرسل ابنه للعمل عند احد التجار للمساعدة في مصاريف المنزل من أجار البيت وثمن الكتب المدرسية، ومنهم من أصحاب المحلات أنفسهم يشغلون أبنائهم للتسلية وما شابه ذلك، ولكنها جميعها أسباب غير مبررة كما قال نبهان، الذي اوضح أن الأسر التي تعاني من ظروف اقتصادية، تم توجيهها للتسجيل لدى الشؤون الاجتماعية للاستفادة من برامج المساعدات لديهم.
أما مدير التفتيش وحماية العمل في مديرية العمل حسين حمدان، فقد أشار إلى السن القانوني المسموح به للعمل وفق قانون العمل الفلسطيني، وهو من سن 15-18 لكن وفق شروط معينة، أبرزها وجود شهادة طبية تؤكد اللياقة البدنية للمهنة، وعدم العمل في مكان نائي، وعدم العمل لأكثر من 6 ساعات، مع منح العامل إجازة سنوية 21 يوما في السنة.
وأوضح انه خلال الحملة تم ضبط 60 طفلا، 30 منهم من الاطفال من سن 5-15 أي دون السن القانوني واغلبهم باعة متجولون، و30 آخرون من الأحداث (15 – 17 عاما) يعملون لدى أصحاب مؤسسات أو تجار دون مراعاة الشروط السابقة، حيث تم ضبطهم وتوقيعهم على تعهدات من قبل الشرطة، بحيث يكون ملف لكل طفل يعمل لديهم، مسجل عند مديرية العمل وفق الشرط المعمول بها، لافتا ان قسم منهم يعمل لدى منشآت تجارية باجر لا يتجاوز 10 شواقل في اليوم الواحد.
من جهته قال مدير وحدة حماية الأسرة في شرطة المحافظة رياض الحاج، أن دور الشرطة هو ضبط الأطفال والأحداث، وجلب أسرهم أو من هو مسئول عنهم، وتوقيعه على تعهدات بعدم تشغيلهم، لما يؤثر ذلك على ثقافة الطفل وسلوكه في المجتمع، وفقد فرصته في التعليم حتى تحقيق الحماية والوحدة الأسرية، وتحقيق الأمن والأمان للمواطن الفلسطيني.
ـــ