رام الله- معا- شدد
رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن مهمة النهوض بواقع الأطفال وضمان
حقهم في النماء الطبيعي تُعتبر أولويةً قصوى لعمل السلطة الوطنية وجميع
مؤسساتها الرسمية والأهلية، مضيفا أنها تشكل أحد أهم مكونات ومعايير
الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين وقدرتها على توفير الحياة الطبيعية
والآمنة والمُستقرة لجميع أبنائها خاصةً الأطفال منهم.
جاء
ذلك خلال الحديث الإذاعي لرئيس الوزراء، والذي أفرده هذا الأسبوع حول واقع
الأطفال في فلسطين ومسؤوليات السلطة الوطنية في مجال حماية ورعاية الطفولة.
وقال: "أحيت شعوب العالم، ومعها شعبنا الفلسطيني، قبل أيام اليوم
العالمي للطفل. وتكتسبُ هذه المناسبة أهميةً خاصة في فلسطين، التي يُعتبر
المجتمع فيها فتياً بامتياز، حيث يُشكل أطفالُها حوالي نصف المجتمع إذ يبلغ
عدد الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة حوالي 2 مليون طفل، أي ما نسبته
48.2% من مجموع السكان في الأرض الفلسطينية المحتلة حسب إحصاءات الجهاز
المركزي للعام 2011".
وأكد فياض أنه في الوقت الذي يُحيي فيه العالم
فعاليات يوم الطفل العالمي، فإن أطفال فلسطين لا يزالوا يُعانون من
الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية وإرهاب مستوطنيه، وقال: "ما زالت
ظروف حياة أطفالنا مُثقلة بالهموم والأعباء وأشكال القمع المختلفة التي
تُعرض سلامتهم للأذى المستمر، وذلك بفعل إمعان إسرائيل في مخالفة القانون
الدولي، والقانون الدولي الإنساني، ومبادئ حقوق الإنسان".
وأضاف:
" تعتقل قوات الاحتلال الإسرائيلي حتى اليوم ما يزيد عن مئتي طفل قاصر تقل
أعمارهم عن 18 عاماً، ويتم اخضاعهم للمحاكمات العسكرية، الأمر الذي يُشكل
بحد ذاته مخالفةً صريحة لحقوق الطفل ومبادىء حقوق الإنسان، كما أن مئات
الأطفال من أبناء شعبنا سقطوا ضحايا بفعل الاعتداءات الإسرائيلية العسكرية،
وأن الكثير منهم أصيب بإعاقاتٍ دائمة، هذا بالإضافة إلى ما خلفته هذه
الممارسات من آثارٍ نفسية جسيمة على الآلاف منهم"
وشدد رئيس الوزراء
خلال حديثه، على أن واقع الاحتلال الإسرائيلي الذي يُحاصر شعبنا وأطفالنا
ويُصادر حقوقهم، لم يُثنِ السلطة الوطنية عن القيام بواجباتها إزاء أطفال
فلسطين، بل زادها ويزيدها تصميماً على توفير الحماية والرعاية اللازمة لهم.
وقال:
"لقد أفردت السلطة الوطنية قسماً هاماً من برنامج عملها فلسطين إنهاء
الاحتلال وإقامة الدولة، والوثيقة المنبثقة عنها موعد مع الحرية، لتوفير
الحماية للأطفال وضمان حقوقهم، وباعتبار ذلك يُشكل مكوناً اساسياً من
استراتيجية الحماية الاجتماعية التي نعمل على ترسيخها من خلال تعزيز
السياسات والبرامج الفاعلة لتلبية احتياجات الطفولة الطبيعية والأساسية،
بما فيها الصحية والتعليمية والاجتماعية والنفسية والروحية، والعمل على
توفير الخدمات الأساسية لهم، وحمايتهم من كل أشكال العنف والإساءة التي
يتعرضون لها".
وأشار فياض إلى أن الحكومة عملت من خلال وزارة الشؤون
الاجتماعية على تنظيم قطاع الحماية الاجتماعية بالشراكة مع شبكة من
المؤسسات الرسمية والأهلية، حيث بلورت بصورة جماعية الاستراتيجية الوطنية
لحماية الطفولة، وبما يؤدي إلى تحقيق التناغم وتكامل الأدوار في عملية
التخطيط ورسم وإعداد السياسات، وتحديد الأولويات وطبيعة التدخلات اللازمة
لتوفير رزمة من الخدمات الاجتماعية والنفسية والصحية والتعليمية
والقانونية، وقال: "لقد تمكنا من الوصول بهذه الخدمات إلى معظم المناطق
المُهمشة والمُهددة من الجدار والاستيطان، بما في ذلك مناطق خلف الجدار،
وقد انصبت الجهود الحكومية والأهلية على إيجاد إطار تشريعي وقانوني ناظم
للقضايا المُتعلقة بتربية الأطفال وسلامة نشأتهم".
وأضاف: "أطفال
فلسطين هم عنوان مستقبلنا وهم مصدر قوتنا، ويستحقون منا بذل كل ما هو ممكن
لتنمية قدراتهم ومهاراتهم، وتوفير مقومات النشأة السليمة لهم".
وأكد
رئيس الوزراء على أن السلطة الوطنية قطعت شوطاً هاماً في مجال حماية
ورعاية وتأهيل الأطفال، وأشار إلى أن جهداً كبيراً ما يزال ينتظرنا للوصول
إلى ما نطمح إليه ويستحقه أطفالنا. وقال: "الإحصائيات الرسمية تُشير إلى أن
نسبة الأطفال الذين يعانون من حالة الفقر تبلغ حوالي 27% من مجموع
الأطفال، وذلك بواقع 19% في الضفة الغربية و38% في قطاع غزة، حيث ارتفعت
معدلات الفقر بين الأسر التي لديها أطفال إلى 53.8% من إجمالي الأسر
الفقيرة التي لديها أطفال في قطاع غزة، مقابل 46.2% في الضفة الغربية".
وأضاف:
"لهذا فإن السلطة الوطنية تواصل عملها، بكل جدية وإلتزام، في إطار خطة
التنمية الوطنية للأعوام 2011-2013 من أجل ضمان حقوق الأطفال وتوفير كل
أشكال الحماية اللازمة لهم، والنهوض بواقعهم الصحي والتعليمي والثقافي،
وتعزيز قطاع الحماية والتنمية الاجتماعية بشكلٍ عام، وذلك في إطار سعيها
المتواصل لبناء مجتمع فلسطيني متماسك تسوده قيم التضامن والتعاون والعدالة
الاجتماعية والمساواة، فجزء جوهري من جاهزيتنا الوطنية لإقامة الدولة يتركز
أساساً على خلق واقع ومستقبل أفضل لأطفالنا".
وأكد فياض على أن
واجب السلطة الوطنية نحو أطفال فلسطين يتمثل في توفير متطلبات الحياة
الكريمة لهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وضمان حقهم في الحياة الآمنة والمستقرة
كباقي أطفال العالم، وشدد على مواصلة الحكومة عملها لبلورة خطة وطنية للحد
من عمالة الأطفال ومنع استغلالهم، وضمان دمجهم في المدارس أو تأهيلهم،
بالإضافة إلى العمل على إنشاء المجلس الوطني للطفل بمقتضى أحكام قانون
الطفل الفلسطيني ومشروع القانون المعدل، وذلك في إطار يستجيب للتطورات
الاجتماعية التي تم تحقيقها وبما يضمن متابعة وتنسيق الجهود اللازمة لحماية
ورعاية الطفولة بصورة جدية.
ودعا فياض كافة المؤسسات الحكومية
والأهلية، لتكثيف الجهود بالتعاون مع المؤسسات الدولية ذات الصلة، من أجل
إلزام إسرائيل احترام قواعد القانون الدولي والقرارات المتعلقة بحماية
الاطفال في مناطق النزاع، وإطلاق سراح الأسرى الأطفال القاصرين الذين تقل
أعمارهم عن 18 عاماً بصورة فورية ودون شروط، ورفع الحصار عن قطاع غزة، ووقف
كافة القيود التي تفرضها إسرائيل على عمل المؤسسات الفلسطينية والدولية في
المناطق المصنفة (ج)، حيث أظهرت الدراسات والأبحاث المحايدة مدى أثر
السياسات الإسرائيلية على التجمعات السكانية في هذه المناطق، وذلك لما لكل
هذه الانتهاكات من تأثير مدمر على حياة الأطفال ومستقبلهم.
وختم
رئيس الوزراء حديثه الإذاعي بقوله: أتوجه إلى أبناء شعبنا وأطفال فلسطين
بصورةٍ خاصة وأقول لهم إنكم حاضر فلسطين ومستقبلها، وأؤكد لكم أن الهدف
الذي نسعى إليه جميعاً هو تمكين شعبنا وأطفاله للعيش بحرية وكرامة وأمن
واستقرار في وطنٍ له، وكي تكونوا قادرين على الإسهام في بناء مستقبل مُشرق
لفلسطين. مستقبل خالٍ من الكراهية والعنف، كما هو خالٍ من الاحتلال
والاستيطان والحواجز والجدران والأسلاك الشائكة"، مضيفا: أنتم ربيع
المستقبل، وتستحقون الحياة الجميلة في حدائق فلسطين وسهولها وساحلها
وجبالها .