القدس/PNN -صرّح طاهر النمري، رئيس هيئة الإشراف في مؤسسة المقدسي بتوضح سياسة "جس النبض" التي تتبعها سلطات الإحتلال عبر التمويه الذي يعتري لغة الكتب والقرارات التي تعممها على المدارس والتي كان آخرها قرارها الموزع في تاريخ 7 آذار على المدارس غير الرسمية والذي قامت المقدسي بنشره عبر وسائل الإعلام المختلفة والتنبيه إلى خطورة محتواه فهو يدعو إلى التقيد بشراء الكتب المطبوعة من قبل إدارة البلدية، في إشارة واضحة وصريحة إلى وجود إرادة لبسط السيطرة وفقا لقانون الإشراف على المدارس.
وأضاف النمري:"إن هذا القرار يعني تغييرا للمنهاج الفلسطيني الوطني المتّبع اليوم عبر خطوات تمهيدية، ولكن شدة الهجمة الفلسطينية على ذلك التوجه دفع سلطات الإحتلال إلى الإسراع في تجميد عملية التطبيق وإجراء التغيير في محتوى المناهج المطّبقة والمعمول بها".
وعلى غرار ردة الفعل الناجمة عن هذا القرار من مختلف الجهات، أجّلت البلدية موقف التطبيق في اجراء التغيير الفوري للمناهج التعليمية، وجاء هذا في رد وصل للمقدسي بعد عدة محاولات للإستيضاح وجاء فيه أن البلدية وضمن نيتها تخصيص مبلغ 7 مليون شيكل من ميزانيتها لطباعة الكتب المدرسية للمدارس غير الرسمية المعترف بها في القدس، تنوي طباعة كتب "المنهاج الفلسطيني" وتوزيعها على هذه المدارس للفصل الدراسي القادم على أن يشمل هذا البرنامج تخصيص "مراقب خارجي " للمنهاج للتأكد من خلوه من أي "تحريض" ضد الاحتلال.
ومنذ بداية العام، توالت قرارات بلدية الإحتلال وإدارة المعارف المرسلة إلى المدارس الفلسطينية في القدس لتحدد ما تراه مناسبا لشكل العملية التعليمية للعام الدراسي القادم 2011-2012، وكل هذه القرارات تتعلق بهدف واحد هو السيطرة على المواطن المقدسي عبر غرس قيم الإحتلال في الجهاز التعليمي الذي يعتبر أخطر الأجهزة، والتي يراد لها أن تطبّع وتربي جيلا كاملا على قبول وجود المحتل، بل والنظر إلى وجوده كأمر طبيعي يمكن قبوله والتعايش معه.
وهذه القرارات لها جذور تعود إلى بدايات احتلال مدينة القدس، فهي تعيد للإذهان قانون الإشراف على المدارس الصادر سنة 1969 والذي استهدف الإشراف الكامل على جميع المدارس الطائفية والأهلية وفقا لقانون 564، وإلزامها بالحصول على تراخيص تجيز لها الإستمرار بالعمل في التعليم، ويمكّن هذا القرار سلطات الإحتلال من الإشراف على البرامج والتمويل، ومراقبة أنشطة المدارس والتدخل في شؤونها لتعزيز سياستها في تهويد وأسرلة مدينة القدس.
وتأتي هذه التطورات الخطيرة بعد أقل من شهر على قرار وزارة التربية والتعليم التابعة للاحتلال والقاضي بعرض وثيقة الاستقلال الإسرائيلية في كافة المدارس في مدينة القدس والأراضي المحتلة ابتداء من مطلع العام الدراسي الجديد، "في مكان تتاح فيه الفرصة لكافة الطلاب والمعلمين الإطلاع على الوثيقة " كما جاء في نص الكتاب الذي تم تعميمه يوم الأحد 17/04/2011 على كافة المدارس التابعة لبلدية الاحتلال والمدارس الخاصة، "على اعتبار بأن المواطنين العرب في إسرائيل هم جزء لا يتجزأ من مجتمع الدولة" كما جاء في القرار.
وقد كان هذا القرار الاستفزازي القاضي بتهويد وعي الطلبة الفلسطينيين وبسط سيطرة الاحتلال على مجريات العملية التعليمية، قد صدر من خلال قسم التعليم في الوسط العربي إلى جميع مدراء ومديري المدارس العربية بمناسبة اقتراب حلول "يوم استقلال دولة الاحتلال"، وجاء فيه النص التالي :"إن التطرق إلى مضمون وثيقة الاستقلال في المدارس عامة، يعطي الفرصة لكافة التلاميذ في التعرف على المبادئ الأساسية لقيام دولة إسرائيل وعلى سبيل المثال تطرقت الوثيقة إلى مبادئ الديمقراطية في مجال حقوق الفرد وإقامة المساواة التامة في الحقوق اجتماعيا وسياسيا بين جميع رعايا الدولة دون تمييز في الدين، العنصر والجنس".
وتعتبر هذه القرارات انتهاكا صارخا وواضحا وممنهجا بحق الطلبة الفلسطينيين في التربية والتعليم المنصوص عليه في العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 والتي تلزم الدول الأطراف في العهد بأن تقر بحق كل فرد في التربية والتعليم، بما يعمل على الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية، وتمكين الأفراد من الإسهام بأدوار فاعلة وايجابية في المجتمع.
وفي حال تمرير هذه السياسة وحصر إصدار جميع المناهج الدراسية من قبل بلدية الاحتلال، أوفرض الرقابة مرحليا على المنهاج الفلسطيني، واجبار المدارس على عرض وإبراز وثيقة استقلال الاحتلال فذلك يعني أن ما لا يقل عن 80 % من المدارس ستضطر اعتماد التعليمات الصادرة من قبل سلطات الاحتلال، ويعني تمادي سلطات الاحتلال في بسط سيطرتها في احتلال المسيرة التعليمية الوطنية المرتبطة في صميم الهوية الفلسطينية للطلبة الفلسطينيين.
ويذكر أن القدس الشرقية تعاني من ضائقة في عدد الوحدات التعليمية التي يجب توفيرها من أجل استيعاب أعداد الطلاب المتزايدة والتي لا يتوفر أي إطار تعليمي رسمي أو غير ذلك لاستيعابها، وتقدّر الدراسات أن ما لا يقل عن ثمانية آلاف طالبة وطالب مقدسي لا يتمتعون بحق التعلم لعدم وجود أي مؤسسة أو مدرسة تستوعبهم مما يحرمهم من أهم الحقوق التي كفلتها معظم الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل التي أكدتها الأمم المتحدة في تشرين ثاني 1989، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي ردها ومتابعتها الحثيثة لهذه القرارات، دعت المقدسي جميع الجهات الفلسطينية إلى التنبه إلى التحركات الإسرائيلية المكثفّة لفرض السيطرة على المدارس الفلسطينية في القدس، ومتابعة قرارات ادارة المعارف وبلدية الإحتلال والرد عليها أولا بأول نظرا لوجود مخطط اسرائيلي لتغيير معالم العملية التعليمية بالقدس المحتل.