القدس- معا- طالب وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع بإطلاق حملة دولية وقانونية لإطلاق سراح الأسرى الأطفال المحتجزين لدى سلطات الاحتلال والعمل على كافة المستويات لوقف سياسة اسرائيل الرسمية باستهداف الأطفال الفلسطينيين، وإلزام حكومة الاحتلال باحترام القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان في تعاملها مع الأطفال القاصرين.
جاءت أقوال قراقع في كلمته الافتتاحية خلال مؤتمر حول الأطفال الأسرى عقد في جامعة القدس - أبو ديس ،وذلك ضمن فعاليات إحياء يوم الأسير الفلسطيني، حضر عدد كبير من ذوي الأسرى والأطفال المحررين وطلبة الجامعة.
عام 2010 عام اعتقال الأطفال:
وقال قراقع أنه في عام 2010 تم اعتقال ألف طفل فلسطيني أغلبهم من منطقة القدس وأنه جرى ملاحقة الأطفال والتنكيل بهم وتعذيبهم، وأن نسبة اعتقال الأطفال قد زادت عن سائر الأعوام السابقة حيث كانت تبلغ حالات الاعتقال سنويا 700 حالة.
وقال أن 95 % من الأطفال تم اعتقالهم واستجوابهم داخل مستوطنات وجرى التنكيل بهم وتعذيبهم بطرق وحشية ولا أخلاقية وابتزازهم وانتزاع اعترافات منهم تحت الضغط والتعذيب ومحاكمتهم بصورة تعسفية وجائرة.
وأشار قراقع الى ظاهرة فرض الإقامات المنزلية على الأطفال وإبعادهم عن أماكن سكناهم وفرض غرامات وكفالات مالية عليهم، وأوضح أن 65 حالة من منطقة القدس تم فرض إقامات جبرية عليها، وأن 20 طفلا تم إبعادهم عن أماكن سكناهم.
واعتبر قراقع أن اعتقال الأطفال تستهدف تدمير الأجيال الفلسطينية وتدمير نفسياتها، مما يستدعي تدخلا دوليا من الأمم المتحدة لوضع حدّ لانتهاك حكومة اسرائيل للمعايير الدولية في اعتقال الأطفال.
ملاحقة أطفال القدس:
المحامي جواد العيماوي مدير الوحدة القانونية في وزارة الأسرى أوضح أن سلطات الاحتلال استهدفت بشكل رسمي أطفال القدس خلال عام 2010، وان هناك هجمة مقصودة من الملاحقات والاعتقالات في مدينة القدس الشرقية ومحيطها وخاصة في سلوان والعيسوية وأبو ديس ومحيطها وخاصة وادي حلوة، وأن 500 حالة اعتقال جرت لهؤلاء الأطفال بتهمة رشق المستوطنين بالحجارة وأنه في بعض الحالات اعتقل أطفال لا تزيد أعمارهم عن 8 سنوات.
وأشار الى تصريح وزير الأمن الاسرائيلي الذي هدد بقوله: لا حصانة للأطفال، واعترف أن قوات الاحتلال اعتقلت مئات الأطفال بتهمة رشق الحجارة وأنه لم يعد هناك حصانة للأطفال.
وكشف العيماوي عن حالات تعذيب واعتداء تجري على الأطفال خلال اعتقالهم واستجوابهم وتقديمهم لمحاكم عسكرية صورية لا تراعي القوانين الدولية ولا تلتزم بمعايير المحاكمة العادلة، وقال أن وزارة الأسرى رفعت التماسا الى المحكمة العليا الاسرائيلية ضد القرار العسكري رقم 132 الذي يسمح لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال تحت سن ال 18 عاما.
وقال العيماوي أن الأطفال الفلسطينيون المعتقلون يعانون من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى.
وكشف أن المحاكم العسكرية الاسرائيلية فرضت غرامات مالية عالية على الأطفال، وأنه منذ عام 2004 حتى الآن بلغت نسبة الأطفال الذين فرضت عليهم غرامات مالية 75 % من مجمل الأطفال المحكومين.
انتهاك القانون الدولي:
المحامي إياد مسك من الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال قال في مداخلته أن المحاكم العسكرية الاسرائيلية التي تعمل في الأراضي المحتلة، لا تخضع لمراقبة دولية، ففي كل سنة يمثل 9000 فلسطيني بالمعدل أمام المحاكم العسكرية الاسرائيلية في الضفة الغربية ومن ضمن ذلك الأطفال.
وقال أن المحاكم العسكرية الاسرائيلية تتجاهل العديد من الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة للأطفال، وأن جميع الحالات تم انتزاع اعترافات منها تحت الضغط والتهديد.
وقال أن سوء المعاملة والتعذيب ضد الأطفال يمارس على يد سلطات الاحتلال بشكل منظم وواسع النطاق، وهذا النظام يعمل ضمن ثقافة عامة تقوم على الوحشية والإفلات من العقاب، وكشف أنه بين عامي 2001 و 2010 قدمت أكثر من 6000 شكوى ضد محققي الأمن الداخلي الاسرائيلي بوقوع ممارسات سوء معاملة وتعذيب بحق الأطفال وحتى الآن لم يتم فتح تحقيق جنائي واحد في هذه الشكاوي، وقال أنه في ظل غياب وحتى ايجاد شكل من المحاسبة لما يجري والذي يصل الى انتهاكات جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، فإن سوء المعاملة والتعذيب للأطفال سوف تستمر دون رادع.
وقال المحامي إياد مسك: في الوقت الذي يعامل به الأطفال الفلسطينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 16-18 عاما من قبل المحاكم العسكرية الاسرائيلية كناضجين ، فإن الأطفال الإسرائيليين الذين يعيشون في اسرائيل أو في المستوطنات يعاملون كأطفال حتى بلوغهم 18 عاما، معتبرا أن القوانين الاسرائيلية تكرس سياسة التمييز والعنصرية.
الآثار النفسية لاعتقال الأطفال:
المحامي وسام حويل من مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب تحدث في مداخلته عن الآثار النفسية لاعتقال الأطفال موضحا أن 44 % من المعتقلين الأطفال يعانون من أعراض نفسية بسبب صدمات الاعتقال وما تعرضوا له من اهانات وتنكيل وتعذيب خلال اعتقالهم.
وقال أن اعتقال الأطفال هدفه تدمير شخصية الطفل ونموه الجسماني والعقلي والوجداني والقضاء على أحلامه المستقبلية، وأن العديد من الأطفال أصيبوا بأعراض نفسية كالانزواء وعدم الرغبة في العودة الى المدارس، والقلق والتوتر والخوف الدائم، جراء ما عانوه خلال اعتقالهم من تعذيب وإذلال وما ترك الاعتقال في نفوسهم من رعب وفزع.
وأشار أن مركز علاج وضحايا التعذيب يتابع المئات من حالات الأطفال المحررين والذين يمرون في ظروف نفسية قاسية بسبب اعتقالهم فترات معينة وفي مراحل مبكرة من أعمارهم.
ودعا المحامي حويل المؤسسات الحكومية والأهلية ووزارة التربية والتعليم الى إعطاء أهمية خاصة للأطفال المحررين من خلال سياسة إرشاد وتوجيه نفسي وتربوي لإعادة تأهيلهم وتشجيعهم على الدراسة ومساعدتهم في التخلص من الآثار الصعبة التي تركها السجن وظروفه في نفوسهم.
شهادات الأطفال:
وقدم عدد من الأطفال المحررين شهاداتهم وتجاربهم الشخصية خلال اعتقالهم على يد سلطات الاحتلال، وهم خليل قريع، ومسلم عودة، وحسن الرويضي، وعدي غيث وأحمد غيث، وكرم دعنا ، وصايل قويدر، وحمادة عودة، ويزن القاضي، وشهادة من والد الطفل رأفت عريقات.
وظهر في شهادات الأطفال أن معظمهم اعتقل على يد المستعربين الإسرائيليين، وأنهم اعتقلوا في منتصف الليل بعد مداهمة منازلهم، وتعرضوا للضرب والاعتداء خلال اعتقالهم، وأن عدد منهم تم استجوابه في داخل مستوطنات إسرائيلية.
وقال الأطفال أنهم تعرضوا للشبح ساعات طويلة، وشد القيود على أياديهم وتعصيب أعينهم، وحرموا من لقاء المحامين، وبعضهم حرم من زيارة أهله.
وأشار الأطفال أن المحققين قاموا بتهديدهم ومحاولة إجبارهم على التوقيع على اتهامات لا يعرفون مضمونها، وأن أغلبهم تعرض للضرب على كافة أنحاء جسمه على يد جنود الاحتلال والمحققين.
وأوضحوا أن ظروف الاعتقال كانت قاسية، حيث حرموا من التعليم ومن العلاج الصحي، والاحتجاز في أقسام يتواجد فيها سجناء جنائيين ذوي سوابق خطيرة.
وقام قراقع في نهاية المؤتمر بتسليم الهدايا الرمزية للأطفال المحررين ووذويهم.